ها قد حضن زوايا الأفق، بعد أن نشل كنوز النور الملكوتية و واراها في اللامكان..
أعلن الإحساس نواه مع طيور أيلول المهاجرة معانداً مغريات الحياة غافلاً نشوى الأحلام..
وقفت اليوم على ضفة الزمن، رافضة الخوض في غمار شطآن الحواس مرحبةً بخطى الغياب..
كم تمنيت أن ينقشني الريح بين تجاعيد الزمن كم تمنبت أن يقتلعني السحاب...
اليوم، بات من كان بالأمس وجوده لهفتي،
من كان خطوه الأزلي حدود مساحتي.
اليوم، ذاك الذي سكونه أحيا الكلمات،
ذاك الذي لطالما كانت ذكراه نبض للرعشات.
اليوم بات المعشوق قاتل العاشق،
مع أنني ما صدّقت يوماً نهاية الروايات،
ما ظننت الموت نهاية الحب الصادق...
اليوم..
صدّقت ما كذّبته
بالأمس..
حيث كنت قد عاهدت السنون،
أن لو تسرّب اليقين في انكسارات الظنون،
فسألعن الأزمان والأقدار
و القلب الحنون...
اليوم احترت من ألوم،
ظلم العمر.. حتم القدر ؟
أم ذاك؟
ذاك الذي صاغ بحبه الأبدي،
من جثتي المنفية في الهذيان..
أطلقني كالحية و غدوت جهة المكان...
اليوم،اقتنعتُ أنّه لا يمكن لأيلولَ أن يكون بدايةً لِحَيَاة،
علمتُ أنّ أيلولَ ليس سوى هجرةِ الإحساسِ و الكلماتِ.
اليوم..
هاجر القلب نحو اليباس..
هاجر الحب نحو الضجر..
و الأحلام قد ضاقت بها أوسع حدود الأوهام..
و النور أسرع يختفي بين الظلال...
اليوم قررت أن أقتبس الاحتراق من النور،
من الأزمان ما تعلمت سوى العدم...
اليوم لاحظت أن السماء تنبت أشواك الغصون...
اليوم، قررت رمي إكسير الحياة،
قررت إبكام الكلمات ...
اليوم...
أعلنت ملاحقة المنون،
و حفرت في أشد وعيي مسٌ من جنون....